top of page

الأفلام العراقية تحوز نصيب الأسد في جوائز مهرجان الخليج للسينما

5 أيام سينمائية تعيشها دبي في دورتها الثانية لمهرجانها السنوي

دبي: ريم حنيني

أبهر الفيلم العراقي الجميع، وكان المهيمن على الجوائز في اليوم الختامي لمهرجان الخليج السينمائي بمختلف فئاته، وتنوعت موضوعات الفيلم العراقي ما بين هموم الوطن والإنسان. الفائزون كُرموا من قبل الشيخ ماجد بن محمد بن راشد آل مكتوم، وذهبت الجائزة الأولى إلى المخرج العراقي قيس الزبيدي عن فيلمه «جبر ألوان» لمقاربته الفنية ورصده لمسيرة مبدع تشكيلي عربي، ولتدفقه السينمائي. وفاز بالجائزة الثانية المخرج العراقي قاسم عبد عن فيلمه «حياة ما بعد السقوط»، وذلك لمقدرته على دمج الخاص بالعام، ورصد التحوّلات في بلده الذي يمر في مرحلة حرجة، أما الجائزة الثالثة فكانت من نصيب الفيلم السعودي «الحصن» للمخرج السعودي فيصل العتيبي، فيما منحت جائزة لجنة التحكيم الخاصة للمخرج الكويتي عامر الزهير عن فيلمه الوثائقي «عندما تكلم الشعب ـ الجزء الثالث» لاستمراره في رصد أسرار العملية الديمقراطية في بلده وخفاياها.

الجائزة الأولى عن فئة الأفلام القصيرة كانت من نصيب المخرج العراقي فنار أحمد عن فيلمه «أرض الرافدين» لحرفيته العالية، وصدقه وابتعاده عن الخطابية، وتعرضه للحالة العراقية بكثير من العمق والجرأة والشفافية. وفاز بالجائزة الثانية المخرج الإماراتي وليد الشحي عن فيلمه «باب» وذلك لبحثه الدؤوب عن الهوية. وذهبت الجائزة الثالثة للمخرج السعودي محمد الظاهري عن فيلمه «شروق/غروب» لتعاطيه مع قضايا مجتمعه بكثير من العمق والجرأة. وقد حصل على المركز الأول في فئة الأفلام الروائية الطويلة ضمن المسابقة الرسمية للمهرجان فيلم «فجر العالم» للمخرج العراقي عباس فاضل، ولذلك لسينمائيته، واعتماده لغة بصرية تحتفي بجمالية المكان. وذهبت الجائزة الثانية لفيلم «الانتقام» للمخرج السعودي وليد عثمان، وذلك لمناخاته السينمائية في فيلم حركي شبابي. فيما قررت لجنة التحكيم منح شهادة تقدير خاصة لموهبة المخرج الإماراتي ماهر الخاجة الواضحة في فيلمه «الغرفة الخامسة – عويجه». وفي فئة الأفلام الوثائقية ضمن مسابقة الطلبة، حصل على الجائزة الأولى المخرج الإماراتي إبراهيم أستادي عن فيلمه «أحمدية» للغته السينمائية الوثائقية الواعدة، وانتصاره للذاكرة المحلية الإماراتية. وفاز بالجائزة الثانية المخرج العراقي مناف شاكر عن فيلمه «مواطنو المنطقة الحمراء» لرصده جهود شباب فرقة مسرحية تحت الاحتلال. وذهبت الجائزة الثالثة للمخرجتين الإماراتيتين إلهام شرف، وهند الحمادي عن فيلمهما «البحث عن الشريك المثالي: ستايل دبي» وذلك لمقاربته الشأن الشبابي، والتعامل معه بشفافية عالية وجرأة بيّنة. وفي فئة الأفلام القصيرة ضمن مسابقة الطلبة، فازت بالجائزة الأولى المخرجة الإماراتية راوية عبد الله عن فيلمها «غيمة أمل» لحرفيتها الواعدة. والجائزة الثانية للمخرج العماني المعتصم الشقصي عن فيلمه «القنت» لخصوصيته المحلية، واستخدام الموروث. والجائزة الثالثة للمخرج السعودي أنجي مكي عن فيلمه «بدري؟» لشجاعته في طرح قضايا شبابية. فيما منحت جائزة لجنة التحكيم الخاصة للمخرج السعودي محمد التميمي عن فيلمه «بي جي+» لاختزاله معاني السينما والرقابة. كما قررت اللجنة منح شهادة تقدير للطفلة دانة محمد عن فيلم «غيمة أمل». وتم تكريم الفائزين بمسابقة السيناريو للأفلام الإماراتية القصيرة، حيث فاز بالجائزة الأولى إسماعيل عبد الله عن سيناريو فيلم «الميزان»، وبالجائزة الثانية محمد حسن أحمد عن سيناريو فيلم «هدية»، وبالجائزة الثالثة فاطمة المزروعي عن سيناريو فيلم «تفاحة نورة». وشهد ختام المهرجان تكريم ثلاثة من أعلام الفن في الخليج وهم المخرج والمنتج الكويتي المعروف دولياً خالد الصديق، والكاتب الإماراتي المتميز عبد الرحمن الصالح، والمخرج البحريني العريق خليفة شاهين، تقديراً لمساهماتهم البارزة في تطوير صناعة السينما الخليجية. ومن يتابع سلسلة الأفلام القصيرة في الدورة الثانية لمهرجان الخليج في دورته الثانية هذا العام، حتى وإن لم يحصد أكثرها الجوائز الأولى، سيبصم بالعشرة، ودون أدني شك، على النضوج الواضح لهذه الأفلام عبر طرحه العميق للموضوعات، فلم تعد التكلفة المادية هي الدافع الوحيد لاندفاع الكثير من السينمائيين الشباب نحو عالم الفيلم القصير، واللافت حقاً هو الأعمال التي سعت إلى وضع العمق التراثي الخليجي أمام العدسة وطرحه باحتراف لا يختلف فيه اثنان حتى لو جاء بطريقة سريالية كالفيلم القصير «وا ويلاه» للمخرجة الكويتية الشابة منيرة القادري وهو مبني على أغنية كويتية شعبية ألحانها نشيد من الحزن والمآسي عبارة عن قصيدة مرئية تعبر عن الحب المفقود، العزلة، الهوية الجنسية، والموت. وتؤمن القادري بأن الأعمال السينمائية في منطقتنا العربية تعشق ما يصطلح على تسميته بالحزن النبيل وتعلق على ذلك بقولها: «أعتقد أنه حان الوقت للخروج من هذه القوقعة والسعي لتقديم أفلام تعبر عن واقعنا الحقيقي وتدفعنا للتفكير، ليس مهماً أن يكون الفيلم طويلا أو قصيراً، أو أن يحصد حتى جوائز عالمية بل إن النجاح الحقيقي للفيلم هو أن يصل لعقول الناس ويدفعهم إلى التفكير». وتقيم منيرة القادري في اليابان بشكل أساسي منذ عشر سنوات، وقد درست السينما، وهي تحضر حالياً رسالة الدكتوراه خاصتها حول «جماليات الحزن في الفكر الشرقي». وعندما تطرقت «الشرق الأوسط» حول موضوع رسالتها ضحكت معلقة: «صدقوني لقد لمست في المهرجان مادة خصبة لدراستي». ويستحيل الحديث عن الأعمال السينمائية القصيرة في مهرجان الخليج دون لقاء المخرج السعودي المبدع فهمي فرحات، الذي يشارك في المهرجان هذا العام بعملين؛ الأول في فئة الأفلام القصيرة بعنوان «أحمد وبابا نويل» ويصور حياة طفل أميركي مسلم في الثامنة من عمره، يذهب لزيارة أحد أصدقائه الذي يحتفل بعيد الميلاد، وفي حين يتخوف أهل أحمد من تأثره بنمط الاحتفال، لا يكون هدف الأخير سوى الاحتفال للحصول على الهدايا، ويحدثنا فرحات عن الأبعاد الفكرية للفيلم قائلا: «عملية تصوير الفيلم كانت من أسهل المراحل، أما كتابة النص وتحضير مواقع التصوير التي تمت في ولاية كاليفورنيا فاستغرقت شهرين متواصلين». الفيلم يحمل معاني التخوف من التأثر بالآخر والنابع ربما من عدم فهمه، وأحمد في الفيلم يسعى ببراءته إلى كسر تلك الحواجز بشكل غير متعمد خالٍ من حرص الكبار. ويشارك فرحات في فئة أفلام الأطفال بالعمل السينمائي «شعر لولو المجعد» وهو إنتاج مشترك بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة، ولولو طفلة تبلغ من العمر سبع سنوات تحب الحياة وتكره شعرها المجعّد. وقبل يوم واحد من دخولها المدرسة، تقرر بمساعدة عمتها تمليس شعرها. لكن ذلك يعلّمها أهم درس في حياتها. ويعلق فرحات على هذا العمل بقوله «هذا الفيلم رغم أنه مصنف كفيلم للأطفال إلا أنه موجه للكبار أيضاً وأحاول القول فيه ببساطة إننا في عالمنا العربي عاجزون عن احترام ذواتنا والاعتزاز بما لدينا، نعيش ازدواجية مزمنة ما بين ثقافة غربية لا نعرف حتى الآن كيف نولفها على طريقتنا، وموروث من العادات والتقاليد بعضها يجب الحفاظ عليه والبعض الآخر نعجز أو قد لا نرغب بتغييره وهنا كما يقول المثل الشعبي «هنا حطنا الجمال». وأشاد فرحات في العمل بدور الممثلة السورية أنجي زهرة، وأكد أن تعامله مع زهرة أطلعه وبعمق على طبيعة السينما السورية، وتمنى فرحات أن تتعدى السينما السورية في المستقبل مرحلة إنتاج الأفلام الجيدة إلى منظومة حقيقية تكون أرضية صلبة لصناعة سينمائية متكاملة. ويوضح فرحات لـ«الشرق الأوسط» أن عبء التعبير عن الهوية الحقيقية همٌ اضطلعت به الجالية السعودية المقيمة بالخارج خاصة في الولايات المتحدة الأميركية، ويعلق قائلا: «سافرت إلى الولايات المتحدة قبل أحداث الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) بشهر فقط، ومنذ ذلك الوقت والسعوديون في الخارج تحت المجهر، ما جعلنا نحمل مسؤولية كبيرة في أهمية عكس طبيعة وطننا وهويتنا كسعوديين للآخر». ويعكف فرحات على تصوير فيلم وثائقي جديد مدته ساعتان لم يختر له عنواناً بعد ويتناول أهم القضايا التي تعيشها المرأة المسلمة في المجتمع الغربي، الفيلم من إخراج رولا سلبك، وهي أميركية من أصل فلسطيني، وإنتاج الدكتور أحمد زهرة. وحوى المهرجان أعمالا سينمائية عراقية غاية في الروعة تعكس أن السينما العراقية، للأسف، لم تجد حلا سوى أن تنضج في بلاد الآخر، ورصدت الأعمال السينمائية العراقية مفاهيم الشرف والعار في المجتم،ع من أبرزها كان فيلم «حمامة بيضاء» مدته ست وعشرين دقيقة للمخرجة الكردية فيان مايي وتناول قصة الشاب «سردار» الطالب الجامعي السابق الذي يخرج من السجن بعد أن أمضى فترة عقوبته عن الجريمة الشائنة التي أجبره عمه على ارتكابها للحفاظ على شرف العائلة. كما يقدم المخرج محمد توفيق، المقيم في الدنمارك، فيلم «نورا» الذي يروي قصة امرأة شرقية مطلقة في الثلاثينات من عمرها، تنطلق في رحلة عبر المترو تجري خلالها مكالمات هاتفية مع «عشيقها» وزوجها السابق وابنها، كاشفة عن أدوراها المختلفة وعلاقاتها مع الرجال في حياتها. ويعلق المخرج توفيق حول انطباعاته حول طبيعة الأعمال في مهرجان الخليج السينمائي قائلا: «عمق المواضيع التي تناولتها الأفلام القصيرة في هذه الدورة بالذات يدفعني وبكل جدارة لأعيد تأكيد ما قلته في إحدى الحلقات النقاشية أن الفيلم القصير في السينما العربية لم يعد منبوذاً». ويتفق المدير العام للمهرجان، مسعود أمر الله، مع وجهة نظر توفيق حول الزخم القوي الذي تمتاز به الحركة الإنتاجية السينمائية للفيلم القصير، ويؤكد أمر الله على أن الفيلم القصير أكثر ملاءمة في منطقة الخليج للمواهب الشابة، كونه أقل تكلفة مادية، لذلك كان هذا الازدهار الذي شهده الفيلم القصير، وتوقع أمر الله أن يشهد الفيلم الروائي الطويل الزخم ذاته في مراحل لاحقة. وتشارك الإمارات بزخم غزير ضمن فئة الأفلام القصيرة، من أبرزها فيلم «باب» للمخرج وليد الشحي، الذي يخوض في العمق الإنساني اللا مرئي من خلال رحلة بحث عن باب مفقود، هو باب للروح. ويصور فيلم «أحزان صغيرة» للمخرج هاني الشيباني قصة طفل في الحادية عشرة من عمره، يبدأ شعره بالتساقط، وتبدأ معه المعاناة، في حين تتناول نايلة الخاجة في فيلمها «قبلة الفراشة» قصة فتاة في السابعة عشرة من عمرها، وكيف تحوّلت إلى شابة جميلة، مسلطة الضوء على علاقاتها بمن حولها. ويرصد فيلم «نصف قلب» للمخرج بلال عبد الله قصة فتاة مع أبيها، قامت بخطيئة، وعليها تحمّل العواقب.

1 view
bottom of page