top of page

مخرجون في المهجر يوثقون أحـلامهم بالكاميرا

جريدة الإمارات

قال مخرجون شباب إن مهرجان الخليج السينمائي الذي تقام دورته الثانية حالياً في دبي فيستفال سيتي، أتاح لهم فرصاً مهمة في تعريفهم بعدد من صناع السينما الخليجية، فضلاً عن دوره في التعريف بأعمالهم، ما من شأنه أن يفتح آفاقاً مستقبلية لهم في مهرجانات أخرى، وبشكل خاص مهرجان جدة الذي استثمرت شخصيات سينمائية الجو السينمائي فيه في توجيه دعوات لسينمائيين شباب من أجل المشاركة فيه.

المخرجون الخليجيون المقيمون خارج حدود أوطانهم، وبشكل خاص في أميركا وأوروبا، ثمنوا في أحاديث لـ«الإمارات اليوم» دور المهرجان في دبي في منحهم فرص التواصل مع النقاد والصحافة والجمهور الخليجي، مشيرين إلى أن «الحالة المهرجانية التي عايشوها في (الخليج السينمائي) الذي احتفى بأعمالهم، من شأنها أن تدفعهم لمزيد من الإبداع الذي يجعلهم دائماً على تماس مع القضايا المجتمعية للمواطن الخليجي، سواء كان مستقره وطنه الأصلي أو الآخر البديل» .

وقالت المخرجة الكويتية المقيمة في اليابان، منيرة القديرة، التي تشارك بفيلم قصير في برنامج «تحت الأضواء» عنوانه «وا ويلاه» «لم أكن أتوقع كل هذا الاحتفاء بإبداعات الشباب في ظل وجود صناعة سينمائية عربية بشكل عام، أصبح لها أباطرتها، وكنت أسمع أسماء أعرف أهميتها في مجال النقد والدراما السينمائيين من دون أن أتوقع أن ألتقي بهم، في الوقت الذي مثّل وجود كل هذا العدد من الشباب الخليجي ما بين هاوٍ ومحترف لصناعة الأفلام السينمائية فرصة لم تكن متاحة في ما قبل، أشاّر إليها «الخليج السينمائي» في دورته السابقة قبل أن تصبح ملمحاً أساسياً في تلك الدورة».

القديرة التي تقيم في اليابان منذ عشر سنوات جعلتها تخشى من ردة الفعل الجماهيرية والنقدية من بعض الجرأة التي تضمنها فيلمها، وقالت «ليس مجرد الالتقاء الخليجي فحسب هو ما يميز المهرجان، بل تلك القدرة الهائلة على قبول المختلف معك، فعلى الرغم من أن عملي بالأساس حول أغنية شعبية كويتية تراثية جددت التعامل معها من خلال لغة سينمائية، إلا أنني كنت أتوقع أن تثير بعض المشاهد إشكالات متعددة لي، وبشكل خاص المشهد الأخير في الفيلم الذي يحوي أداء راقصاً على شواهد قبور، واختلاط الأدوار الذي يجعل نساء يؤدين شخصيات رجالية والعكس، ما جعلني قبل العرض تحت ضغط شديد من أن يتم التعامل مع الفيلم من منظور أخلاقي».

عمل في الليل والنهار

رئيس مهرجان الخليج السينمائي عبدالحميد جمعة، ومدير المهرجان مسعود أمر الله، يشاهدان بشكل دائم في أروقة المهرجان ما بين حضور للأفلام والالتقاء بضيوف المهرجان من النقاد والسينمائيين، فضلاً عن لقاءات إعلامية لا تستثني السهرة اليومية التي تبدأ في الواحدة بعد منتصف الليل، وتختتم في الثالثة فجراً.

مع ذلك، لايبقى جمعة وأمر الله الوحيدين في الانسجام ووصل الليل بالنهار ، حيث يبقى المصورون المتطوعون بمثابة إعلاميين على أهبة الاستعداد لالتقاط صور تؤرشف للحدث، وتسجل يومياته بلغة منسجمة مع طبيعة المهرجان، وهي لغة الصورة، وإن كانت ضوئية. فضلاً عن متطوعين كثيرين سبق لهم المشاركة في مهرجان دبي السينمائي، وكلفوا أنفسهم بتسهيل مهام ضيوف «الخليج السينمائي».

المخرج السعودي فهمي فرحات الذي شارك العام الماضي بالفيلم الوثائقي «السعوديون في أميركا»، عاد هذا العام ليشارك بفيلم «أحمد وبابا نويل»، وقال في هذا الإطار «المخرجون المقيمون خارج حدود الخليج كثيراً ما يتحسبون لمثل تلك المشاركات، من منطلق الظن بأن هناك آلية مختلفة دائماً للتقييم الفني، وهو اعتقاد خاطئ بدليل حصول (السعوديون في أميركا) على تقدير خاص من اللجنة المنظمة للمهرجان العام الماضي على الرغم من عدم حصوله على جوائز»، في الوقت الذي يظل فيه المهرجان فرصة ذهبية لأولئك المخرجين للاطلاع على مجمل تطور الوضع في بلدانهم الأصلية، الأمر الذي يجعلهم على تماس مثالي مع جذورهم وثقافتهم العربية والإسلامية، بشكل يتخطى مفهوم ثقافة الجاليات التي يعيشونها في المهجر».

وقال فرحات إن المخرجين الخليجيين في المهجر يعيشون طموحاً مشتركاً هو استيلاد سينما خليجية قادرة على الغوص في قضايا المجتمع الخليجي، وتحليلها بلغة سينمائية عصرية، فضلاً عن توفير متعة بصرية تستفيد من الآخر، وتسعى في الوقت نفسه لتقديم تجارب تتمسك بعوامل الهوية والخصوصية».

وقال فرحات إن «(أحمد وبابا نويل) بالأساس تم إنجازه في هذا الإطار من خلال شركة إنتاج عريقة، مقرها أميركا، تُعنى بدعم المواهب الشابة العربية والإسلامية هناك، هي شركة (زهرة للإنتاج) التي سبق لها تقديم أفلام شديدة الأهمية في هذا المنحى».

في السياق نفسه، قامت المخرجة العراقية المقيمة في انجلترا ميسون باجه بتوثيق المعرض الفوتوغرافي للمصور الصحافي يوجين دولبيرغ من خلال عمله في العراق، في فيلم «عدسات مفتوحة في العراق»، لتتواصل باجه التي تخرجت في جامعة كوليج في لندن مع مجتمعها العراقي بفيلم وثائقي، رحب باحتضانه مهرجان الخليج السينمائي في سياق لغة الانفتاح مع المبدعين الخليجيين خارج حدود أوطانهم، ما يضفي مزيداً من الثقل للحراك السينمائي الخليجي الذي ينشده المهرجان.

المخرجة السعودية التي تحمل جواز سفر أميركياً نور حميد الدين، كانت أحد أكثر الأمثلة على حقيقة الانفتاح عبر تركيب ثقافي مختلف لدى نور التي نشأت في أميركا، وترعرعت في السعودية، واستقرت في الإمارات، لتعكس تلك التركيبة الثقافية الممتزجة بفيلم وثائقي بعنوان «بداية فقط» . وبشأن التعددية الثقافية للمخرجين الخليجيين المشاركين في المهرجان، تقول نور «لم أتوقع قبول الفيلم ضمن عروض المهرجان، لكن المفاجأة الكبرى لي هو كل هذا العدد من المخرجين الشباب الذين يتمتعون بتقنيات ومدارس إخراجية مختلفة، ما يؤكد تحقيق الفيلم السينمائي الخليجي حضوراً لائقاً مستقبلاً في ظل توافر كل تلك الطاقات الشبابية المترافقة برغبات رسمية في الاستفادة منها».

«فيلمي الأول»

تمثل أفلام مشتركين كثيرين في مهرجان الخليج السينمائي، تقدموا بها للعرض، تجاربهم الأولى، وجميعهم مترقبون للحظة إظلام قاعة السينما، معلنة بداية لقاء محاولات البداية بالجمهور، في مشاعر جمعت بين الأمل والرجاء، حسب تصريحاتهم لـ«الإمارات اليوم».

قالت المخرجة السعودية نور حميد الدين قبيل العرض «أشعر بالخوف، لا أعرف كيف سيواجه الجمهور مجرد بداية، أتمنى أن تسير الأمور بشكل طبيعي». وقالت الكويتية منيرة القديرة «فيلمي كان يحتوي على مشاهد قال لي أصدقاء إنها ستسبب لي مشكلات كثيرة في حال عرضها خليجياً، ما جعلني أفشل في النوم ليلة عرض الفيلم أمس، لكن الجمهور استقبل المشهد بتصفيق حاد، جعلني أفكر من الآن في التجربة المقبلة، بعد أن كدت أسلّم بأن (يا ويلاه) فيلمي الأول والأخير». وجاء المخرج العراقي لؤي فاضل هو الآخر بفيلمه الأول، وعلى الرغم من مشاركته زملاءه أصحاب التجارب الأولى في مشاعر الخوف والقلق الصحيين، إلا أنه يؤكد أن «مجرد قبول عرض الفيلم في مهرجان دبي السينمائي مكسب كبير لأي مخرج خليجي محترف، فما بالنا إذا كان الأمر يتعلق بذوي تجارب إخراجية أولى».

bottom of page